الثورة كشفت
العورة(1):
انتهت حرب تموز وظهرت أسنان حسن نصر الله على الشاشات بابتسامته العريضة (ضحكت عنزه بالمسلخ) الواثقة، لاندري أهي ثقة بالنصر أم ثقة بقدرته على خداع الشعوب، وكيف لا وقد أقنع الجميع بأنه الذي أطلق سراح الأسرى،حرر البلاد، وانتصر على الكيان الصهيوني، بل وأكثر من ذلك، فقد ظهر على المحطات يزبد ويرعد ويتوعد إسرائيل بضربها في العمق، وأن الأمر لن يقتصر على تفخيت حيطان أو إطلاق صواريخ في الهواء وإنما سيعاملون بالمثل، فإن قذفوا مطاراتنا بالصواريخ قذفنا مطار بنغوريون، وان قتلوا أولادنا قتلنا أولادهم بنفس الطريقة وما إلى ذلك من تهديد ووعيد لا يتجاوز حدود شفتيه ولا حدود قناة المنار المستهلكة لعقول البشر كذباً.
وإلا بماذا نفسر تلك الخطابات الرنانة والتي جعلت
المستمع العربي يطير فرحا بالوعد الصادق،حيث لم يتحرك خطوة واحدة ولم يحرر شبراً من
مزارع شبعا ولم يطلق رصاصة باتجاه العدو، ولم يحرر الجليل كما وعد
وتبجح.
ألا تذكرون معي قبل عدة أشهر ظهرت إحدى مذيعات المنار
والتي تشبه في حديثها مذيعات الدنيا (باستثناء الحجاب) تجوب إحدى المخيمات
الفلسطينيه وتسأل : "ماذا تقولون لو أن حسن نصر الله حرر الجليل وأعادكم
إليها؟"
الإجابات طبعاً كانت خجولة، بين
مصدق ومكذب ومتأمل،فالذي إنتصر في حرب تموز من وجهة نظرهم وحرر (لا أعرف ماذا
حرر!!) لا بد أن يحقق النصر أيضاً في الجليل، لا سيما بعد أن رأوه على شاشات
التلفزيون وهو يهوبر ويشوبر بإصبعته قائلاً: "سوف نصل إلى أعماق الجليل ونحررها من
براثن العدو" (وعلى الأغلب العدو هنا هو أهل السنة الذين في
الجليل)، وحتى الآن كل ذلك كلام في كلام
.
إذاً، هناك لعبة بدأت تتكشف عورتها، هي ذات اللعبة
التي تلعبها أمريكا مع إيران، حين تتوعد بضربها وفرض العقوبات عليها إن لم تتوقف عن
برنامجها النووي...كان هذا منذ عدة سنين، وإنتهت إيران من برنامجها النووي ولم تفعل
أمريكا أي شيء، لأن أمريكا أصلاً تساعد إيران سراً مع إسرئيل بهذا الخصوص فهي تعتمد
في كذبها على العرب المغفلين المطمئنين إليها (لا سيما دول الخليج، مع
الأسف)
فكما أن أمريكا تكذب على العرب فيما يخص إيران، فإن
حسن نصر الله يكذب عليهم فيما يخص إسرائيل.
أدركتم الآن أن اللعبة واحدة؟ ولكشف عورتها لنا
وقفات...
إسرائيل ترضى عن حزب الله وتسكت عن السلاح، بل وربما
تزوده به، مادام يحفظ هو وبشار الأسد حدودها ويبقيها آمنة.
إسرائيل ترضى عن حسن نصر الله أيضاً إذا ظل يلعب دور
طبيب التخدير الذي أوكلته إليه في مستشفى السبات العربي، وأكثر ما يتجلى هذا
التخدير في القضاء على أنواع المقاومه الحقيقيه كالتي حدثت في العراق والتي أدت إلى
خروج أمريكا منها بعد أن ادخلها الشيعة على ظهر الدبابات.
وكذلك المقاومه الإسلاميه الحقيقيه المتجسده في حماس
فعندما يقول سنحرر الجليل لا لأنه يريد فعلاً ذلك وإنما هي لعبة إسرائيل بالإتفاق
مع حزب الله ليصرف المسلمون من أهل السنة هممهم عن تأييد المقاومه ومساندتها مالياً
ومعنوياً والإتكال على المحرر الأعظم حسن نصر الله والذي لم يحرر حتى الآن شبراً
واحداً.
فبالرغم من الرعد والبرق لم نر قطرة مطر واحدة تبشر
بنزول مطر التحرير لشبعا أو الجليل، أو حتى اخراج أسير، وما صفقة تبادل الأسرى إلا
تتمة لمسلسل حرب تموز (الجزء الثاني) فكأني بحسن نصر الله تأثر بالمخرجين السوريين
الذين يعرضون عدة أجزاء لمسلسل واحد إلى أن يمجه
المشاهدون.
وللحديث بقية.
ربيع العربي