الأحد، 3 فبراير 2013

صناعة شعب وترميم امة

بسم الله الرحمن الرحيم

      اذا تحدثنا عن أمجاد وحضارة أمتنا بما تضمنته من انتصارات وفتوحات ، علم وطب وفلسفه ، وبما نشرته  
من عدل وسلام واستقرار دام لقرون، قلتم : إن تغني الشرق بأحداث الماضي ووقوفه على أطلال المجد القديم دليل افلاسه وفقره من جميع مقوّمات الحضارة الحديثه . ونسي هؤلاء أنّ نواميس الحياة تقتضي أن لاتدوم الحضارات مهما وصلت قوتها وعظم تطورها، وما إن تبلغ الذروه حتى تبدأ بالهبوط والانهيار !.
قال الشاعر يوما :   إن الامور كما شاهدتها دول.           من سره زمن ساءته أزمان

      إن أمر الحضارات واستمرارها أو عدمه، أمرا غير مرتبط بالبشر على وجه الاطلاق ، وإنما مرتبط برب البشر شاء من شاء وأبى من أبى. 
      فما أن يسودالظلم والترف والتكبر والغطرسة و ترتفع الرحمة ، رحمة القوي على الضعيف، ويزول احترام الصغير للكبير، وينزل الناس في غير منازلهم، نقول ما إن تمتزج هذه الأمور كلها بالحضاره مهما بلغت ذروتها وقوتها حتى تشدها الى الأسفل وتنهي بقاءها بالقضاء عليها غير آسفة .
قال شوقي رحمه الله :   إنما الأمم الأخلاق ما بقيت         فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولا حظوا أن الشرور دائما تبدأ من جانب البشر، فتقابل بتدخل رب البشر ٠ قال تعالى :( لا يغير الله مابقوم   حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم
وهذا هو التفسير المنطقي لزوال الحضارات. والعدل الذي هو رأس الأخلاق بالنسبة للدول هو أساس الاستمرار في الملك٠ رحم الله القائل : دولة العدل تدوم مع الكفر، ودولة الظلم لاتدوم مع الدين٠
إن الحضارة الاسلاميه بلغت ذروتها في العدل والرحمة والغنى والانبساط والأمان ونشر السلام واستمر ذلك مئات السنين وما إن بدأت هذه الحضارة تأخذ منحى آخر بحيث دخل الظلم الى أروقتها وانتشر الفقر بين سكانها والترف بين أغنيائها حتى بدل الله هذا العز وجعل مكانه ذلا وقهرا وهذا هو حال الأمة اليوم ٠
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام وعندما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله .
نعم أردنا التغيير ، وتبديل شرع الله بالقوانين الوضعية التي وضعها البشر بتأثير من مباركة خارجيه وأيادي خبيثه خفيه ساعدت على زيادة حجم هذا التغيير . وكانت النتيجه المضحكة المبكية أننا خسرنا أنفسنا فلم نعد شرقيين حسب مفهوم عظمة الشرق وتألقه ، ولا أصبحنا غربيين من منطلق التقدم الصناعي والتكنولوجي والعسكري الذي استخدم في رفع شعوب الغرب وسحق شعوب الشرق على حد سواء .
وبالرغم من كل ما تقدم فإن الفخر باسلامنا رداءنا وشرع الله سياجنا، ومحمد نبينا ورسولنا، ولن نحيد عن ذلك لمجرد ماوصل اليه حال الأمة، بل على العكس تماما فإنا نعتبر هذه ابتلاءات من الله سبحانه وتعالى لأمة طال نومها وعلى شخيرها وكثرت أحلامها وعاشت كوابيسها وكان لابد من ايقاظها وترميمها بل وإحياءها من جديد، وان ما يحدث في البلاد العربية والاسلاميه من ثورات مباركة ومقاومات جاده خير دليل على هذا .
صحيح أن الطريق مضني والزاد قليل لكن الذي قرأ التاريخ يعلم أن الانتصارات لم تكن تلازم الأقوى أو الاكثر عددا وعدة ؛ ومحمد وصحبه خير دليل على ذلك . قال تعالى: ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ).
فيا أيها الغرب لا تفرحوا بدمائنا وشهدائنا وتدمير بيوتنا ويا دولة اسرائيل لا تضحكي كثيرا فالكل يعلم أن الشاطر الذي يضحك في الآخر وترقبي ظهور المارد الذي سوف يخرج من بين الركام واعلمي أن الأمر ليس منك ببعيد واذا أردت علامة على ذلك فانظري الى أحط وأحقر شخص في حكومتك الحاليه واربطي هذا التحول في تاريخ اجرامك بالعمر الزمني لهذا الحقير (علما بأن هذه الصفة تنطبق عليكم جميعا دون استثناء)
فقبل ان يموت هذا الشخص بأيام يبدأ زوال دولتكم .
يادولة غطّت على ظلمها الأمم    
نحن نعلم مسبقا ومنذ أيام مجدنا التليد أنه سيأتي يوم تتكالب علينا الأمم  . ألم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك حين قال قبل ألف وخمسمائة عام : (يأتي زمان على أمتي  يتكالب عليها الأمم  تكالب الأكلة على قصعتها). 
لكن القصعة اليوم ملأناها سُماًً لأعداء الله ورسوله وعما قريب ستبدأون بالتهاوي كالذباب المسموم . انتظروا إنا معكم منتظرون.
أيها الغرب صحيح انك تكالبت علينا فنهبت ثرواتنا وبددت أموالنا لكنك عملت ليل نهار لتصنع اسلحة بتلك الاموال فتعيدها رصاصا وقنابل ومتفجرات وصواريخ وراجمات وفوسفور حارق وبولونيوم قاتل وووو...
وبقدرت قادر تحولت هذه الثروات والأموال نقمة عليكم فلا أنتم كسبتم بها حب الشعوب ولا أنتم تنعمتم بها فعشتم حياة طيبه كريمه وخير دليل على ذلك الافلاس المستمر والمهرول قدما على مستوى الاشخاص وعلى مستوى الدول .
فعلى مستوى الاشخاص : المواطن في بلادكم منهك بالضرائب ودفع الفوائد للبنوك واضطراره للتعامل بالربا (أخس طرق التعامل الاقتصادي ) الذي يثقل كاهل المواطن مما يدفعه الى الانتحار في كثير من الأحيان ( راجعوا احصائيات اسباب الانتحار في بلادكم ).
أما على مستوى الدول فلاحظوا افلاساتكم الدولة تلو الاخرى  علما بأن الكثير من الدول الغربيه مفلسه تماما ولكنها تحاول جاهدة إخفاء الأمر حفاظا على سمعتها العالميه وخوفا من افتضاح أمرها فيقل شأنها بين الأمم ،ومهما حاولت فلا بد من انكشاف الامر اما عاجلا او آجلا فهذه سنة الله على الأرض ولا بد للباغي أن تدور عليه الدوائر فيذوق طعم الظلم الذي أذاقه للآخرين ، وأنتم تعلمون أنكم أشبعتم الشعوب المستضعفة ظلما وألما وتجاهلا وعذابا بكل ما تحمل هذه الكلمه من معنى . فلا بارك الله بكم واعلموا أنا خفايا الأمور ظهرت على السطح ولم يبقى الا الاستعداد لمواجهتها والتغلب عليها ومحاسبة كل جبار عتل أثيم يا حثالة البشر .
نعم من يحول أموال الناس الى أدوات لقتلهم وتعذيبهم بها أقل ما يمكن أن يقال في حقهم أنهم حثاله .
أنظروا كيف أنكم لم تحتلوا بلدا الا وضطررتم للخروج منه ، انظروا كيف أنكم لم تستطيعوا القضاء على اي مقاومة مشروعة حتى الآن .انتم دائما بين كر وفر مع أنكم دول عظمى حسب وصفكم لانفسكم ومع أنكم في مواجهة اضعف شعوب العالم .. هذا سابقا ، أما اليوم فلم يعد الامر كما تعتقدون ، المارد المسلم .. المارد العربي بدأ ينفض الركام بعدما اكتشف اللعبه ، وهاهو قادم باتجاهكم فهل أنتم جاهزون .
قال تعالى : (حتى اذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس ) صدق الله العظيم